القاهرة، مصر (CNN)-- قال الرئيس المصري، حسني مبارك، إن انفجار كنيسة القديسين في الإسكندرية، الذي أدى لمقتل 21 شخصاً، معظمهم من المسيحيين "يحمل في طياته دلائل على تورط أصابع خارجية، تريد أن تصنع من مصر ساحة لشرور الإرهاب"، ولكنه أكد أن الذين يقفون خلف هذا العمل "لن يكونوا بمنأى عن عقاب المصريين."
وأضاف مبارك، في كلمة نقلها التلفزيون المصري، إن بلاده "تعرضت لعمل إرهابي آثم استهدف الوطن بأقباطه ومسلميه"، وأضاف أن الهجوم "هز ضمير الوطن وصدم مشاعرنا، وأوجع المصريين مسلمين وأقباط امتزجت دماؤهم، لتقول إن مصر برمتها مستهدفة، وان الإرهاب الأعمى لا يفرق بين قبطي ومسلم."
وذكّر مبارك بمواجهة مصر لخطر العمليات الإرهابية في العقد التاسع من القرن الماضي، وقال إن القاهرة قادرة على تحقيق الانتصار على الإرهابيين من جديد، وتعهد بـ"قطع رأس الأفعى."
إلى ذلك، نقل موقع الإذاعة والتلفزيون الحكومي عن مصدر أمني بوزارة الداخلية أنه خلال عمليات الفحص لواقعة الانفجار "تأكد عدم وجود نقطة ارتكاز للتفجير بإحدى السيارات أو بالطريق العام، بما يرجح أن العبوة التي انفجرت كانت محمولة من شخص انتحاري لقي مصرعه ضمن الآخرين."
وأشار المصدر إلى أن فحوصات المعمل الجنائي أكدت أن العبوة الانفجارية التي تسببت في الحادث محلية الصنع، وتحتوى على صواميل ورولمان لإحداث أكبر عدد من الإصابات، وأن الموجة الانفجارية التي تسببت في تلفيات بسيارتين - كانتا موضع اشتباه - كان اتجاهها من خارج السيارتين وبالتالي لم تكن أى منهما مصدرا للانفجار.
وأضاف المصدر الأمني أن ملابسات الحادث في ظل الأساليب السائدة حاليا للأنشطة الإرهابية على مستوى العالم والمنطقة، تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قد قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ فضلا عن تعارض ظروف ارتكاب الحادث مع القيم السائدة في المجتمع المصري.
وكان عبد الرحمن شاهين، المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، قد أعلن ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم بسيارة مفخخة على "كنيسة القديسين" بالإسكندرية، إلى 21 قتيلاً و43 جريحاً، بينما ذكرت وزارة الداخلية أن بين الضحايا 8 مسلمين وخمسة من الشرطة وأفراد أمن الكنيسة، في حين أعاد المراقبون إلى الأذهان تهديدات تنظيم القاعدة الموجهة للأقباط.
وقد تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الاسكندرية من "إعادة الهدوء إلى منطقة كنيسة القديسين التي شهدت حادث الانفجار المأسوي، حيث كانت المنطقة قد شهدت بعض الاحتكاكات والمناوشات بين قلة متطرفة من المسلمين والمسيحيين عقب وقوع الانفجار،" بحسب بيان الداخلية.
واستهجن الأزهر من جانبه الهجوم، وقال إن مثل هذه الحوادث "مرفوضة تماما لأنها تستهدف ضرب الوحدة الوطنية التي تتميز بها مصر عبر السنين."
وجاء الهجوم خلال وجود حشد من الأقباط داخل وخارج الكنيسة للاحتفال بالعام الجديد، وذلك في شارع خليل حمادة بمنطقة "سيدي بشر."
وحرص بيان لوزارة الداخلية المصرية على امتصاص أي توتر طائفي قد ينشب بالبلاد، عبر التأكيد بأن بين جرحى الهجوم ثمانية مسلمين، كما أشارت إلى أن الانفجار ألحق أضراراً مادية بمسجد مقابل للكنيسة.
غير أن ذلك لم يساعد على وقف فورة الغضب لدى أقباط المنطقة، الذين هاجم مئات منهم - وفق تقارير إعلامية - عربات الشرطة المنتشرة في الموقع وحطموها، محملين أجهزة الأمن مسؤولية التقصير في حمايتهم.
من جانبه، لفت الموقع الرسمي للإذاعة والتلفزيون في مصر أن الفحص المبدئي أشار إلى أن السيارة التي تسببت في الانفجار "كانت متوقفة أمام الكنيسة باعتبار انها خاصة بأحد المترددين عليها."
كما أشار الموقع إلى وجود بعض الحالات الحرجة بين الجرحى، إذ نقل عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة تأكيده على انتقال طاقم طبي إلى الإسكندرية على متن طائرة إسعاف لنقل الحالات الحرجة التي يصعب علاجها إلى القاهرة.
وفي تطور لافت، أصدر تنظيم "الإخوان المسلمون" بياناً استنكر فيه التفجيرات، وسأل الله أن "يحفظ شعب مصر مسلمين وأقباطًا وأن يحمي بلادنا من كل مكروه وسوء."
وكان تنظيم القاعد في العراق قد وجه بنوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إنذاراً إلى مسيحيي المشرق عموماً والأقباط خصوصاً، وهدد بشن هجمات في حال لم يتم إطلاق نساء قال التنظيم إن الكنيسة تتحفّظ عليهن بعد إشهار إسلامهن.
وكانت "دولة العراق الإسلامية،" وهي مظلة تضم مجموعة من التنظيمات، على رأسها القاعدة في العراق، قد وجهت رسالة تهديد إلى المسيحيين في الدول العربية، وتوعدت بشن هجمات على كنائس في العراق ودول المشرق ومصر، وذلك استجابة لما قالت إنه "نداء الله والمستضعفات من المسلمات المأسورات" في كنائس مصر.
وجاء تهديد التنظيم عبر رسالة صوتية تلاها شخص لم يعرّف عن نفسه، ولكنه أعلن مسؤولية "كتيبة الاستشهاديين في جيش دولة العراق الإسلامية" عن الهجوم الذي استهدف كنيسة "سيدة النجاة" في بغداد، واضعاً ما جرى في إطار السعي لإطلاق نساء قيل إن الكنيسة القبطية في مصر تتحفّظ عليهن بعد إسلامهن.
وحددت الرسالة أهداف عملية الكنيسة في بغداد بـ"الإفراج عن كاميليا شحادة ووفاء قسطنطين وغيرهما،" وقالت: "مطلبنا بسيط وواضح، أسيراتنا اللاتي عند أبناء ملتكم في مصر مقابل أبناء ملتكم المحتجزين في الكنيسة،" وذلك قبل أن تقوم أجهزة الأمن العراقية بتحريرهم في وقت لاحق من ليل الأحد.
وكانت قوات الأمن العراقي قد اقتحمت كنيسة "سيدة النجاة" الأحد، لتحرير الرهائن، ما أسفر عن مقتل 58 شخصاً، بينهن 17 شرطياً وخمسة مسلحين، إلى جانب جرح 57 شخصاً. واحتجز المسلحون ما يزيد على 120 شخصاً في قداس يوم الأحد بكنيسة في حي الكرادة في بغداد وطالبوا بإخلاء زملائهم المعتقلين في سجون الداخلية.
ورغم أن المواقع التي عادة ما تنشر بيانات تنظيم القاعدة أو الحركات المتحالفة معه لم تنشر ما يدل على مسؤولية التنظيم عن هجوم الإسكندرية، غير أن ناشطين على تلك المواقع "باركوا" العمليات واعتبروا أنها تأتي تنفيذا للتهديدات