كمال أبو المجد بعثت برسالة إلى مبارك لقيادة ثورة سلمية قبل أن ينفجر غضب المصريين

كشف الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وزير الإعلام ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا عن فحوى رسالة بعث بها إلى الرئيس حسني مبارك يدعوه فيها إلى إجراء "ثورة شاملة" في مصر، بعدما استشعر وجود توترات شديدة يعيشها المجتمع المصري يمكن أن تنفجر شرارتها، نتيجة عوامله اقتصادية في الأساس، مع تدني الأجور واتساع التفاوت الطبقي في مصر.

وتعد هذه أول رسالة من نوعها يتم الكشف عنها وجاءت في أعقاب التطورات الأخيرة في تونس والتي رآها محللون جرس إنذار حقيقي للدول التي تتشابه ظروفها مع تونس، وعلى رأسها مصر، نتيجة عوامل اقتصادية في الأساس، وتفاقم المشكلات الاجتماعية على نطاق واسع في مصر.

وحذر أبو المجد الذي كان يتحدث في مقابلة مع برنامج "العاشرة مساء" على فضائية "دريم" بثتها مساء الاثنين من أن الظروف في مصر مهيأة لاندلاع احتجاجات، مع تصاعد حدة الاحتقان في البلاد بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها قطاعات كبيرة من المصريين.

وأضاف: "أنا مؤمن بأن التغيير لن يأتي علينا من الخارج ولن ينزل من السماء، ولابد أن يكون منا نحن المصريين، وكمفكر رأيت أن مصر تمر بخطر حقيقي فلو تأملنا الجانب الاقتصادي ودخول الأفراد سنشعر بالخطر، ولهذا أرسلت برسالة إلى الرئيس مبارك أطالبه بثورة سلمية للتغيير وأن يقودها بنفسه".

واستدرك قائلا: "فأنا لا أدعو إلا إلى ثورة سلمية، لأن المجتمع المصري به توترات كثيرة، وإطلاق شرارة الغضب سيكون عملاً غير مسئول، وبه كثير من التخريب والتدمير، فعلينا نحن كأفراد أن نتظاهر سلميًا من أجل تغيير أوضاعنا".

ورأى أن أزمة مصر الحقيقية تتمثل في الانفجار السكاني وعدم المسئولية، في إشارة إلى مسئولية المجتمع عن الأزمات التي يعيشها، بعدما وصفه بأنه "مجتمع قليل المال كثير العيال، والرئيس مبارك أشار إلى ذلك مرارًا في أكثر من مناسبة".

غير أنه في المقابل لم يعف الحكومة من المسئولية، قائلا إن المؤسسات في مصر لا تقوم بدورها، والحكومة لا تحسن تسويق ما تحققه من إصلاحات للشعب، على الرغم من أن الوزراء يعملون ليل نهار لصالح المواطنين، بينما تخرج التصريحات على عكس ما يتوقع الناس.

وأضاف: لو قرأنا بريد الشكاوى في أي جريدة سنجد الناس يستغيثون بالرئيس مبارك، لأن ليس لديهم ثقة في المسئولين.

وحول الانتخابات الرئاسية القادمة، قال أبو المجد "نحن كمصريين لا نختار حكامنا، ومن يظن غير ذلك جانبه الصواب فنجد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر جاء في أعقاب ثورة 52، ومن بعده الرئيس أنور السادات جاء بتفويض من جمال عبد الناصر، تمثل في اختياره نائبا له قبل وفاته".

وأوضح أن الأمر ذاته حدث مع الرئيس مبارك الذي يحكم مصر منذ 30 عاما بعد أن جاء بتفويض من السادات تمثل في اختياره نائبا للرئيس، لافتا إلى أن "الشعب المصري على مدار تاريخه لم يختر حاكمه وأي شعبية يكتسبها الرئيس في مصر ترجع إلى أسلوب عمله بعد اختياره، وما يحققه من إنجازات".

وانتقد الأحزاب السياسية في مصر، قائلا "لا توجد أحزاب حقيقية، وإنما براعم صغيرة تعاني من مشكلات داخلية تقضي على دورها في الشارع المصري، فلا أحد يعرف أحزاب المعارضة إلا لو كان هناك مشاكل داخلية بالحزب، حيث يرتفع صوتها وصوت أعضائها، لكن ماذا قدمت الأحزاب للشارع المصري فالإجابة لا شيء".

ووصف أبو المجد الرئيس مبارك بأن "أعصابه قوية ومتحمل لمشقات ولا يقبل على المخاطرات، لأن المخاطرة صعبة وهو يتسم بأنه رجل حكيم، ولهذا قلت إن أي ثورة يمكن أن تقوم في مصر، فلابد وأن تكون تحت رعاية الرئيس مبارك".

ورفض عملية إحباط الناس من جانب الإعلام في مصر، قائلا إنه "لابد من أن يشعروا بالأمل، لأن عملية التسويد هذه التي يسوق لها الإعلام ليست في صالح المجتمع"، موضحا أن "الثورة السلمية التي ينادي بها تستهدف قيام الرئيس بإجراء إصلاح مؤسساتي في مصر".

ولاحظ أبو المجد وجود إصلاح بالفعل لكنه قال إنه "يتحرك ببطء شديد، وكأنه قطار شديد البطء ويسير بجانبه قطار آخر، هو اسمه "قطار نفاذ الصبر" ويسير بسرعة، وأنا أتمنى أن تكون حركة الإصلاح في المجتمع المصري سريعة وتتم بواسطة المصريين وتحت قيادة الرئيس مبارك، فنحن نطالبه بالنظر في المؤسسات والمسؤليين وأهل الثقة لأن هناك مسؤلين يعتبروا عبئا على الشعب المصري لابد من تغييرهم".

وحول الخطاب الديني أكد أنه "لابد أن يكون بحكمة وأن نعيد البسمة للمصريين وأن يعاد النظر في الخطاب الديني ولابد أن يمنع انتقاد كل طرف لدين الآخر".

وطالب أبو المجد بإجراء تعديلات دستورية تشمل المادة الخاصة بتداول السلطة، لأنها ضرورية لتقدم أي مجتمع وألا يستمر الرئيس في حكمه لأكثر من ولايتين رئاسيتين، وأن يكون هناك قواعد صارمة لفكرة تداول السلطة، وأشار أنه على مستوى الوزراء والمسئولين يجب ألا يبقوا في كراسيهم للأبد "فنحن لدينا مفاهيم سياسية مغلوطة لحد الكارثة"، بحسب بتعبيره.

وطالب بتطبيق المنهج العلمي في عملية التغيير وأن يتم دراسة الشكاوى الكبرى وأهم أولوياتها موضحا أن هذه العملية تحتاج لكثير من المجهود والموارد و"نرى الناس تعبانة جدا نتيجة أعباء مالية فلابد أن نخفف على الناس".

ودعا إلى وجود قنوات مشروعة للمشورة، بشرط أن "يكون المشاركون فيها من أهل الخبرة، وليس من أهل الثقة من أجل تقديم رؤية حقيقية عن المشكلات وإبداء حلول لها"، معتبرا أن "أكبر مشاكلنا الآن هي التفاوت الطبقي بين المصريين، فأصبح هناك أغنياء جدًا يقابلهم فقراء جداً لا يوجد طبقة وسط